جلاجل : الفن كان يطعمنا " جاتو " مش خبز
جلاجل : الأجور التي يفرضها القطاع الخاص على الفنانين الأردنيين تبخس من قيمتهم .
جلاجل : كنا سابقا أسياد الشاشات العربية ، والآن لم يعد يذكرنا أحد .
حاورته : منى نعلاوي
تصوير ومونتاج : محمد الجبر
فنان من زمن العمالقة وجيل الرواد ، أحد دعامات الدراما الأردنية ، ذو تاريخ فني مشرف ، صاحب أشهر الشخصيات الجماهيرية " سلامة الخليلي " في العلم نور وغيرها ، مثقف ومبدع ، يحترم فنه وجمهوره ، قيمة فنية كبيرة للوطن ، مواليد 1947 في سلوان القدس ، من أعماله الرائعة نذكر منها : العلم نور وطائر الشوك ، نمر بن عدوان ، الخوابي ، كرم العلالي ، بلاقي عندك شغل ، عليوة والأيام ، جرح الغزالة وغيرها ، إنه الفنان الأردني القدير داوود جلاجل والذي كان في ضيافتنا وكان لنا معه هذا الحوار الجريء ...
جلاجل مسيرة فنية مشرفة بدات بالحقوق وتستمر بفنان قدير ...
أنا درست الحقوق في جامعة دمشق ومارست عملي في الفن في هذه الفترة ، حالتي الاجتماعية متزوج عندي من الأولاد اثنين ولدي منهم ثلاث أحفاد .
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت هذه هي الفترة الذهبية للدراما الأردنية ، وكانت تغطي مساحات واسعة من الشاشات العربية وكانت هي المسيطرة مع المصرية ، وهذا يعود لأسباب عدة أهمها أن الإدارات التلفزيونية والإعلامية في الأردن آنذاك كانت تعي تماما قيمة الفن و تدرك أن الإعلام ليس مجرد مقابلة أو محاضرة لعريب الرنتاوي ؛ إنما هو دراما تتسم بعالم مدهش وجميل يأسر المتلقي ، وأنا أؤيد أن يكون الفنان ملتزما بقضايا مجتمعه حتى لو لم تكن له توجهات سياسية ، وهذا أهم أسباب نجاح المسلسل الجماهيري العلم نور لأنه يخاطب وجدان الناس في الشارع ، لذلك بقي حيا حتى هذه اللحظة ، والفنان أيضا يجب أن يكون مثقفا حتى يستطيع أن يقولب ما يريد بشكل جذاب ومقنع لأن الدراما تهندس عقل المتلقي وتصنع لديه وجهة نظر .
هل بالضرورة أن يكون للفنان آراء سياسية معلنة ؟
أنا مع هذه الفكرة جزئيا وحسب التوجه ، بمعنى أن لا أقوم بالترويج لفكر الحزب الذي أنتمي إليه فقط ، وإنما يجب أن أكون مثقفا ناطقا بلسان مجتمعي .
والدتي كانت تملك أعظم صفات البشرية " الفطرة " ... وهذه قصة وفاتي ...
الأم شيء عظيم جدا لا يعوض ، تجمع العائلة بوجودها ، والدتي رحمها الله لم تكن متعلمة بل كانت على الفطرة وهذه الصفة أجمل من كل ثقافات العالم .
أما بالنسبة لشائعة وفاتي قبل أقل من عام كانت قصتها كالتالي ...
الزميل زهير النوباني وصلته رسالة نصية من قبل نقابة الفنانين تقول بأن والدة داوود جلاجل انتقلت إلى رحمة الله ، وعندما قرأها لم ينتبه لكلمة " والدة " واعتقد بأنني المقصود ونعاني على صفحته ، عندها بدأت أتلقى اتصالات يتفاجأ من خلالها المتصل بأنني أنا من أجيب ، ولكن النوباني حينها هاتفني واعتذر مني عن سوء التفاهم ، ولكني شكرته لأنه أكد للجمهوربأن داوود جلاجل ما زال على قيد الحياة ، وأنا أؤمن بأن الحقيقة الوحيدة في الحياة هي الموت .
بيان صدر عن مجموعة من فناني الأردن منذ عام ونصف يستنكر تقصير الحكومة والنقابة في حقهم وكنت من ضمنهم ؟
هذا البيان صدر بناء على أن الفن والثقافة في الأردن يعتبر هامشيا وترفا لا ضرورة له ؛ هكذا يؤمن المسؤولون ؛ هل يعلم هؤلاء أن الفن يستطيع أن يروج للأردن سياحيا واستثماريا وحضاريا وثقافيا واقتصاديا وأن ينشر لهجتنا ، وهذا كان الواقع قبل مقاطعة الدراما الأردنية في التسعينيات ، أما الآن فقد جاءتنا إدارات ووزارات لا علاقة لها بالفن ، كنا في الماضي أسياد الشاشات العربية والآن لا أحد يذكرنا وخاصة أن الدراما الأردنية تمت مقاطعتها قبل أن تنتشر الفضائيات ، التلفزيون الأردني قديما كان متصدرا المشهد أما حاليا لا أحد يتابعه حتى محليا .
جلالة الملك عبدالله عندما شيعنا كفنانين جنازة الدراما الأردنية قال " آلمني أن ينعي الأردنيون فنهم " ، وطلب من المسؤولين تحقيق مطالبنا والتي أبرزها التشغيل والتسويق للدراما الأردنية والتي تعاني من ضعف المستوى ، وقطاع الانتاج الخاص وأهمهم عصام الحجاوي يقومون بالدور الذي يجب أن تقوم به الدولة تجاهنا ممثلة بتلفزيونها الرسمي ، أما بالنسبة لنقابة الفنانين فهي لا تستطيع أن تناطح الصخر وهذه هي مسؤولية الدولة والحكومة والإعلام معا ، واحد من الحلول الفعالة إيجاد موازنة للدراما الأردنية ، و هذا الواقع الحالي يحتم علينا قبول ما يفرضه الانتاج الخاص من أجور ، فمثلا ؛ أجري في عمل حاليا يساوي ثلث ما كنت أتقاضاه في الثمانينات ، وأنا هنا أتساءل أين الدولة حتى تحافظ على كرامتي كفنان ، وترتفع بمستوى العمل الفني المحلي عربيا ، فالفنان هو الفكر السياسي للقيادة في الأردن .
ما رأيك في الأعمال الأردنية التي قدمت على الشاشات المحلية في رمضان ؟
في رمضان هذا العام لم يكن هناك دراما أردنية على الشاشات المحلية سوى ما قدمه المنتج عصام حجاوي ، شاركت في ثلاثة أعمال عرضت على التلفزيون الأردني وهي : بلاقي عندك شغل ولمست متابعة الجمهور له بشكل كبير فهو يحمل الطابع الكوميدي وكانت أوقاته مناسبة للمتابعة ، لعبة الانتقام وكرم العلالي وعرضت في أوقات غير جيدة ، أما ما عرض على القنوات الخاصة برأيي ليست كوميديا هذه " زناخة " ولكنها تحصد الملايين من المشاهدات والسبب في اعتقادي أن هناك مؤامرة في كل العالم العربي على ذائقة المواطن لذلك أصبحت في الحضيد بحيث أن يعجب بأعمال تحتوي على ألفاظ تافهة من العيب أن تذكر في بيوتنا العربية والأردنية ، كانت الدراما سابقا تحافظ على القيم المجتمعية والعائلية والأخلاقية ، كان لدينا كثير من الممنوعات التي لا تشوه ثقافتنا وعاداتنا وأخلاقنا .
لماذا اخترت تأدية الشخصية الخليلية في " العلم نور " .. ورغم نجاحها لم تستمر في الخط الكوميدي ؟
منتج العمل لم يثق بأن أحدا من الزملاء ممكن أن يؤدي الشخصية الخليلية باقتدار ، فأجبرني على تقمصها ، فطلبت منه أسبوع حتى أتدرب عليها ، وأثناء ذلك التقيت بأقارب وأصدقاء لي من الخليل استقيت منهم اللهجة والتي هي ذات نغمة ولحن خاص ، حاولت الاقتراب منه و يبدو أنني و الحمدلله نجحت فيها .
الشخصية التي أقرأها على الورق أحاول أن أصنعها لحما ودما وعلاقات مع الأشخاص والأماكن ، وهذا ما يضفي عليها أن يكون موقفها كوميدي أو درامي وأنا أرفض أن أؤدي شخصية تهريجية ، الكوميديا موقف أولا وآخرا ، وأنا على قناعة تامة بأن كلمة ممثل لا تقبل صفة بعدها لا كوميدي ولا بدوي ولا تراجيدي ، الفنان يجب أن يتقن كافة الأدوار.
كيف جسدت الدراما الأردنية أن تجسد القضية الفلسطينية ؟
لن يسمح بتنفيذ عمل فني يقدم قضية سياسية ، بالرغم من أن أول مسلسل درامي أنتجه التلفزيون الأردني كان عن القضية الفلسطينية بعنوان " فندق باب العامود " ، حاليا الكتاب والمخرجون والمنتجون لا يتقدمون بأعمال تحاكي هذه القضية لأنهم على يقين بأنها سترفض ، وليس فقط في الأردن بل في الدول العربية . أمثلة :
مسلسل الاجتياح سبب نجاحه أنه يتحدث عن نضال جنين ضد الاجتياح الإسرائيلي ولكنه لم يدخل إلى عمق الحكاية ، ومن الطبيعي أن يحصل على جائزة الإيمي العالمية كونه يحكي قصة الشاب الفلسطيني المناضل مع فتاة إسرائيلية .
وهناك عمل آخر بعنوان الدرب الطويل لكاتب أردني عظيم هو وليد سيف ولكنه لم ينجح محليا وتم عرضه على جهات إنتاجية في دول أخرى وحقق نجاحا خارج الأردن نقديا وجماهيريا بشكل كبير جدا وهو العمل العظيم التغريبة الفلسطينية .
كلمة للشخصيات التالية ...
نقيب الفنانين حسين الخطيب : هو يحاول أن يحقق شيئا رغم العقبات التي تواجهه ، يجب أن يبقى مثابرا على خدمة الفن والفنان وأقلها تشغيله وأن يرتفع ويرتقي بمستوى العمل الفني بالتعاون مع التلفزيون الأردني .
رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة : يجب أن يؤمن بالفن الأردني حتى يستطيع أن يقدم شيئا له ، ولكن حجة الحكومة المتوفرة دائما هي قلة الموازنة .
ربيع شهاب : بالرغم من غيابه مازال في وجدان الجمهور ويبقى نجما كبيرا .
نبيل المشيني : كان ثروة وطنية ، خبرة وإبداع في الدراما ، صنع مسرحه الخاص ، قاعدة حضارية لهذا البلد ، جلالة الملك تقديرا منه للفن اختاره عضوا في مجلس الأعيان وما أتمناه أن يكون هذا تقليدا في قادم الأيام .
محمود أبو غريب : كان أستاذا قديرا وأبا لكل فنان ، اقتربت منه كثيرا عندما عملنا سويا في مسلسل راس غليص الجزء الأول 1976 ، وكان متبنيا لكل زملائه .
من هو الممثل والممثلة رقم واحد في الأردن ؟
الممثل رقم 1 في الأردن ياسر المصري رحمه الله ، فقد كان كتلة من التعامل الأخلاقي والإنساني مع كل الناس .
أما الآن فيجب أن يكون هناك زخما إنتاجيا حتى يفرز فنانا متميزا .
أما النجمة الأولى فلا تزال عبير عيسى وليس هناك من تنافسها .
مفاجأة سارة تنتظر عشاق " العلم نور " ...
إحدى القنوات الخاصة عرضت علي وعلى مجموعة من نجوم مسلسل العلم نور المشاركة في جزء جديد منه تعتزم إنتاجه ، يتحدث عن جيل أحفاد أبطاله الأصليين ، يتناول الوضع الحالي وهذا التطور التكنولوجي والعلمي الذي طرأ ، والذي كتبه الفنان فؤاد الشوملي ، وأنا متحمس له إذا خاطب وجدان الناس في البيوت من كافة شرائح المجتمع ، ونأمل أن يرى العلم نور النور